ملتقى الوساطة العقارية- تعزيز الثقة والشفافية في السوق العقاري

المؤلف: منى العتيبي08.27.2025
ملتقى الوساطة العقارية- تعزيز الثقة والشفافية في السوق العقاري

بعد بضعة أيام، ستنطلق فعاليات ملتقى الوساطة العقارية، الذي تنظمه الهيئة العامة للعقار؛ وذلك بهدف إبراز الدور المحوري للوساطة باعتبارها ركيزة أساسية في القطاع العقاري، وتعزيز فرص التمكين والتنظيم من خلال مناقشة التحديات التشريعية، واستعراض الخبرات الميدانية، وأحدث الحلول والتقنيات المتخصصة في مجال الوساطة العقارية، بالإضافة إلى استعراض الجهود الحثيثة التي تبذلها مختلف الجهات المعنية لرفع مستوى كفاءة السوق وتنظيم ممارساتها المختلفة.

لقد شهدت الوساطة العقارية في المملكة العربية السعودية مسيرة حافلة بالتطوير والتمكين؛ ففي الماضي الغابر، كان صوت "الدلال" يجلجل في أزقة الأحياء، مناديًا على المنازل، وطارقًا الأبواب، حاملاً بين يديه صفقات ينسجها بالحضور الشخصي المباشر، والعلاقات الاجتماعية، والمعرفة المحدودة بالسوق العقاري. لم تكن هناك خرائط رقمية متطورة، ولا تقييمات معيارية، ولا توثيق إلكتروني موثوق، بل كان الأمر برمته يعتمد على الخبرة الشخصية المكتسبة، وأحيانًا على ضرب من ضروب الحظ.

أما في العصر الحالي، لم يعد الوسيط العقاري مجرد همزة وصل عابرة، بل تحول إلى صانع للثقة والمصداقية في سوق زاخرة بالفرص والتحديات المتنوعة. إنه يتحرك وفقًا للأرقام والإحصائيات الدقيقة، ويُدار بموجب الأنظمة والقوانين المحكمة. لقد تطورت الوساطة العقارية لتصبح منصة متكاملة وشاملة، تجمع بين الموثوقية العالية والتقنية المتطورة والاحترافية المتميزة، وتحمي الحقوق قبل أن تبدأ الصفقة فعليًا. تؤدي هذه المنصة دورًا رقابيًا وتنظيميًا فعالًا، فتوثق العقود بدقة، وتعرض المعلومات بشفافية مطلقة، وتدير العملية برمتها من البداية وصولًا إلى الإغلاق النهائي بوضوح وسرعة فائقة.

هذا التحول الجذري لم يأتِ بصورة عشوائية أو اعتباطية، بل كان نتيجة جهود تنظيمية وتشريعية دؤوبة ومدروسة، وعلى رأسها نظام الوساطة العقارية الذي أطلقته الهيئة العامة للعقار، بهدف رئيسي يتمثل في تنظيم الممارسات العقارية، وتوفير بيئة عادلة وجاذبة للاستثمار الآمن والمربح.

إن الفرق الشاسع بين الماضي والحاضر لا يقتصر فقط على الأدوات والوسائل المستخدمة، بل يمتد ليشمل الفلسفة الكامنة وراء الوساطة العقارية. فلم تعد الوساطة مجرد "وساطة" بالمعنى التقليدي، بل أصبحت مسؤولية جسيمة، وشفافية مطلقة، وبيانات دقيقة وموثوقة، ومنصة متكاملة تهدف إلى رفع كفاءة أداء السوق العقاري، والحد من المخاطر المحتملة، وتعزيز الثقة المتبادلة بين البائع والمشتري على حد سواء. من أجل تحقيق هذه الأهداف النبيلة، يأتي ملتقى الوساطة العقارية في نسخته الثانية ليواصل مسيرة التطوير المستمر، وتعزيز المنافسة الشريفة، وضمان الاستدامة في هذا القطاع الحيوي. فالوسيط العقاري اليوم لا يقتصر دوره على صنع الصفقات الناجحة، بل يمتد ليشمل بناء الثقة الراسخة، وقد أصبح عنصرًا أساسيًا في نجاح المنظومة العقارية ككل، وفي نمو الاقتصاد الوطني بشكل عام.

وفي الختام، يمكن القول إن تعزيز منظومة الوساطة العقارية يمثل خطوة جوهرية ورئيسية نحو تحقيق سوق عقارية أكثر كفاءة وشفافية واستدامة، تلبي تطلعات المواطنين والمستثمرين في هذا المجال، وتسهم في تطوير مهارات الوسطاء العقاريين وتمكينهم من خلال تبادل الخبرات والمعارف عبر الأطروحات القيّمة والجلسات المهنية المتخصصة التي ستعقد في الملتقى.

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة